في هذا القسم يتم نشر بعض الإرشادات المهمة إلى الأولياء والمربين لغرس حب الكتاب والقراءة لدى الأطفال

التنمية اللغوية
القراءة للأطفال تشكل أساسيات اللغة في مسامعهم، وتُكوّن عندهم حصيلةً لغوية كبيرة، من خلال سماع وتكرار المفردات اللغوية المختلفة ، ومن ثمّ لن يواجهوا أية مشكلةٍ في التعبير عن أفكارهم وما يدور في أذهانهم، وستجعلهم قادرين على استيعاب المواد التعليمية عند دخولهم المدرسة. وعندما يمتلك الطفل لغةً سليمة نتيجة كثرة سماعه للمفردات اللغوية، سيتمكن من التعبير عمَّا يرغب فيه ويريده وما يدور في مخيلته بسهولة، ولن يحتاج إلى الصراخ أو البكاء لأنه ببساطةٍ يعرف ما يريد قوله. ومن هذا المنطلق فإنَّ القراءة تساعد على إجراء نقاشٍ فعَّال وهادئ مع الطفل وتساعده على التفكير واختيار الكلمات المناسبة في موقعها المناسب أثناء الكلام، فاللغة تُنمِّي العقل وتجعله دقيق العبارة وصحيح النطق، وسيُلاحظ الآباء رغبة الطفل في طرح الأسئلة عن الكثير مما يسمعونه وذلك بحد ذاته مكسب مهم في التربية والتعليم ، وعلى الآباء أن يجيبوا على أسئلة الطفل بهدوء، لأنَّ تلك الأسئلة وذلك الفضول مهارتان مهمتان جدًّا في بناء شخصيته وخبراته الحياتية.
الترابط العائلي
عادة القراءة للأطفال تُقدِّم للآباء فرصةً جيدة لتنمية علاقتهم بأبنائهم، وجعلها عادةً يومية شائقة يتطلَّع الطفل إليها وينتظرها بفارغ الصبر، فهي تدعم تكوين علاقةٍ عاطفية عميقة مع الوالدَين حين يحكيان القصة المقروءة بأصواتٍ مختلفة أو إشاراتٍ وتعبيرات تداعب مشاعر الطفل الرقيقة، مما يجعل الطفل في غاية السعادة والشعور بالأمان وتحفز الحس العاطفي تجاه الوالدين لديه، وبالعكس أيضا فالوالدين لاتقل متعتهما بالتقارب والتماس مع الطفل عن الأطفال، فهي فرصة لتبادل العاطفة والحنان بين الطفل وأبويه من خلال قراءة القصص ، وبالنتيجة ستنبني العلاقة السليمة والمتينة بين الطفل والأبوين.
النوم الهانئ
يلاحظ أطباء الأطفال أن القراءة للأطفال قبل النوم تساعدهم على الهدوء والنوم، فعلى الرغم من أنها تنشط العقل والخيال إلا أنها تجعل الطفل مسترخيًا وهادئًا، وتجعله مستعداً للنوم مباشرةً، فينام الطفل وهو يشعر بالسعادة لوجود والداه بجانبه، بالنسبة لبعض الأطفال، قد يكون النوم ليلًا أمرًا صعبًا!. فيمكن أن تساعدهم القصة في الليل على ربط القراءة بوقت النوم وإدخالهم في روتين متكرر. فقراءة القصص للأطفال على إضاءة خافتة نوعًا ما قد تساعدهم في الاسترخاء والخلود للنوم، فهي من جهة نشاط هادئ ليست فيه حركة كثيرة ومن جهة أخرى تشكل جزءًا من روتين ما قبل النوم الذي يساعد على انضباط مواعيد النوم للأطفال.
التفكير المنطقي
من فوائد القراءة للأطفال أنها تجعلهم منطقيين في التفكير، ولديهم مفهوم السبب والنتيجة، وأيضًا تساعدهم على تعلُّم المبادئ والقيم الصحيحة، فغالب القصص تحتوي على رجلٍ شرير ورجلٍ خير، ومن ثمَّ يتعلم الطفل نبذ أفعال الرجل الشرير ويبتعد عنها في حياته، من دون ما يتعب الآباء في شرح تلك المفاهيم بطريقةٍ تقليدية غير مفهومةٍ للطفل، ويجب مراعاة أن تكون القصص ملائمة لأعمارهم وأن لا يكون محتواها عنيفًا أو مخيفًا لأن الهدف من القصة مساعدتهم وإسعادهم لا بث الرعب في قلوبهم، لذلك يجب اختيار قصة بسيطة مفرحة وتحتوي معلومات جديدة ترتكز على ترسيخ المنطق السليم ، وتبعده عن العدوانية والتنمر وسوء الخلق.
تنمية الخيال
وهو الأهم على الإطلاق من فوائد القراءة للأطفال؛ فقراءة قصةٍ مع بعض الصور البسيطة تجعل الطفل يتخيَّل مجريات القصة في خياله، فتتوسَّع أفاقه ومداركه، وامتلاك هذا الخيال الخصب سيجعله مبدعًا وموهوبًا في الكثير من الأمور. فالخيال هو أحد أنواع الذكاء. وهو القُدرة على تكوين صور، ومشاعر، وتمثيلات عقلية غير موجودة في الواقع. وهي من الصِفات المُميزة للمُخترعين، والمُصممين، والكُتاب، والفنانون. ويبدأ وجود الخيال عند الطفل مُنذ نعومة أظافره، ومن مظاهر قُوة الخيال عند الطفل حُب الاستطلاع، وكثرة التساؤل . فالخيال يساعد الطفل للوصول إلى أعلى الملكات الفكرية والعاطفية والاجتماعية، والخيال عامل ضروري لتنمية العديد من مهارات التعلم الكامنة لدى الأطفال، فالخطوة الأولى في رحلة الاكتشافات والإبداع والحكمة هي: الخيال .
مواجهة الحياة
القراءة للأطفال تجعلهم مستعدين لمُواجهة الحياة والتعلُّم من الفشل؛ فلا يخافون من خوض التجارب، بل يشعرون كأنهم أبطال قصتهم الخاصة، ولأنَّ الأبطال يواجهون الفشل ويسعون للتغلب عليه، سيعتاد الطفل فعل ذلك، ولن يكون ضعيفًا أو سريع الهزيمة. فالقراءة تُعزِّز ثقة الطفل بنفسه وبقدراته، فكلما تعلَّم كلمةً أو ربط بين حدثٍ وآخر سيشعر بالنجاح والفخر بنفسه، كما سيبحث عن النجاح كلما تعرّض للفشل مقتديا بأبطال القصص التي سمعها من والديه والآخرين.

4/ توسيع مجالات القراءة، فبعض القصص يمكن أن تكون كوميديةً فقط، والبعض تعليمية، ثم قصص عن الفضاء والاكتشافات أو قصص دينية مكتوبة بطريقة تناسب الأطفال، أو القصص الخيالية أو قصص الحيوانات الناطقة ، وغيرها من المجالات التي يمكن للطفل الاستمتاع بها والتعلم منها.
5/ خلق جو من التفاعل بين قارئ القصّة والطفل المستمع وتشجيع الطفل على طرح الأسئلة أو الإجابة عنها، والتعبير عما يشعر به تجاه أحداث وشخصيات القصة.
6/ يجب أن لا نجعل من القراءة درسًا لتعليم الأدب، فلا يجب أن يختار الآباء قصةً تناسب خطأً كان قد فعله الطفل، وكأنها درس في الأخلاق، سيكره الطفل القراءة، ويشعر أنها أداة لتأنيب الضمير.
7/ لا مشكلة في ربط بعض الكلمات البسيطة بأصواتها، فحين يراها الطفل مرةً أخرى سيعرفها قبل أن ينطقها الأب، وسيفرح بنفسه.
8/ لنجعل من القراءة روتينًا يوميًّا ممتعًا، فحين يشعر الآباء بالمتعة عند قراءة القصص سيشعر بها الطفل أيضًا، وتخصيص وقتٍ للقراءة سيجعل منها عادةً جميلة يتنظرها الطفل بشوق .
9/ يجب أن تكون القراءة بطيئةً وغير متسرعة ليتمكَّن الطفل من الاستيعاب وخلق صورةٍ واضحة لمجريات الأحداث في عقله الصغير، وربط الشخصيات ببعضها ، فالقراءة السريعة تخرج القصة من جاذبيتها وتجعها كلمات ليس لها طعم أو معنى.
10/ اصطحاب الأطفال إلى المكتبات وإعطائهم مجالٍ مفتوح ليختاروا ما يحبّون مع مشاركتهم في تقييم القصص وتوجيه اهتمامهم نحو الكتاب الأفضل ولكن ليشعر الطفل هو من اختار الكتاب .

القصة وخيال الطفل
يؤدي الخيال دوراً هاماً في تطوير شخصية الطفل فكراً وتعبيراً، وتأهيلاً للقدرات التأملية والإبداعية واللغوية.. بالمقابل تعدُّ المقدرة على التخيُّل من أهم سمات هذه الشخصية، فمن استطاع إثارة خيال الطفل بما يهوى ويحبّ من القصص، فإن باستطاعته إشباع الكثير من احتياجاته النفسية، فالخيال في القصة يشدُّه إليها ويحرِّك أحاسيسه، ويتيح له فضاءات رحبة يحلِّق فيها، ويتنقل في عوالمها، وهو جالس في مكانه. من جهة أخرى يعدّ الخيال أهم الفنيات في قصص الأطفال، كما تتعدّد صور توظيفه فيها وتتنوّع، كقصص الأنبياء و قصص الخيال العلمي، الذي يُثري المعارف العلمية، وينمّي القدرات العقلية.. وهي نوعٌ يناسب المرحلتين المتوسطة والمتأخرة. إلا أن أكثر ما يتوجب الحذر منه عند استخدام هذا الخيال (المبالغة الشديدة في الأحداث، أو تضخيم الشخصيات، على نحو يبعد الطفل عن الواقع، فيصبح عاجزاً عن تمييز الحقائق من الخرافة).
أنواع قصص الأطفال
تشمل قصص الأطفال أنواعاً عدة، منها: الحكايات، القصص التراثية، قصص الحيوان، قصص السِيَر، قصص البطولة والمغامرة، قصص الخيال العلمي، قصص الخيال التاريخي، قصص الفكاهة، القصص الدينية، القصص الاجتماعية، وغيرها.. إلا أن هذا التصنيف ليس معياراً ثابتاً يُعتمد عليه في تقسيم قصص الأطفال. يقول «الهيتي» في مؤلَفه “ثقافة الأطفال”: يصعب الاعتماد على معيار واحد في تقسيم قصص الأطفال، لذا نجد تقسيمات حسب الموضوع، أو حسب الشخصيات، أو حسب علاقتها بالواقع أو الخيال.. لكن التفسير الأكثر شيوعاً هو الذي يقسِّمها إلى: حكايات وخرافات، وقصص حيوان، وقصص بطولة ومغامرة، وقصص خيال علمي، وقصص خيال تاريخي، وقصص فكاهة.
والحكايات نوعٌ هام من أنواع قصص الأطفال، يعني: (السرد القصصي الذي يتناقله الناس)، وهي بذلك تختلف عن القصة بمفهومها الحديث، بأنها في الأصل ذات طابع شفهي مرتبط بالأدب الشعبـي، في حين أن القصة نتاج لكاتب فرد، وقد تكون مستمدة في بعض أنواعها من الحكاية والأسطورة.
القصة الخرافية والتراثية
من الحكايات ما هي شعبية، ومنها ما هي خرافية، وهي تمتاز -عموماً- بالبساطة والمضمون الثريِّ والعميق في الوقت نفسه. والحكاية الشعبية هي: (نوع قصصي ليس له مؤلف، لأنه حاصل ضرب عدد كبير من ألوان السرد القصصي الشفهي، الذي يضفي عليه الرواة أو يحوّرون فيه أو يقتطعون منه، وهو يعبِّر عن جوانب من شخصية الجماعة) ، ويعدُّ هذا النوع أقدم الأنواع الأدبية المقدَّمة للطفل. وعن أهميتها ودورها كمنهل لقصص الأطفال عبر العصور، ويمكن القول إن كثيراً من قصّاصي الأطفال، استمدوا من الحكايات الشعبية أفكار قصصهم، ولاقت تلك القصص هوىً في نفوس الأطفال، وسُعدوا بأبطالها الذين يتحرَّكون دون حواجز أو قيود، وأنِسوا بالحيوانات التي تتصرَّف -في الغالب- تصرُّفاً إنسانياً، وبالنباتات التي تتحرَّك وتطير وتضحك، وبالأدوات الجامدة التي تروح وتجيء وتقرع الطبول وتغني.. وأثارت هذه الحكايات مشاعر الأطفال وسط أجواء التضحية أو البطولة أو الصدق أو العدل، حيث ينتصر الخير والأخيار، ويخذل الشر والأشرار). كما أن قصص الحيوان، وأسلوب الأنسنة -حيث تتحرَّك الشخصيات في بيئة حيّة، تفكِّر وتتحدَّث كالبشر- تحظى بجاذبية كبيرة، وبإقبال لا يضاهى، من قبل جموع الأطفال، لاسيما في المرحلة المبكرة. كما أنها تعدُّ من أقدم أنواع الحكايات الشعبية، نهل منها كتّاب قصص الأطفال -كمادّة خصبة- الكثير ولا يزالون، ويعدُّ كتاب «كليلة ودمنة» من أهم ما كُتب هذا المجال.
قصص الأنبياء والأطفال
تربية الأطفال بالقصة وذكر الأمثلة الصالحة التي يُحتذى بها من أفضل أساليب التربية التي تعطي نتائج ممتازة، كما أن الأطفال في سن صغيرة يميلون وينجذبون إلى عنصر التشويق والإثارة في القصص لذا تجدهم مستمتعين بها فمثلًا يمكنك أن تحكي قصة من قصص الأنبياء لأطفالك كل يوم قبل النوم وركز على العبر والمواعظ حتى يستفيدوا منها وبهذا الشكل ستختصر على نفسك طريق التربية لأنك من الأساس أنشأتهم على أخلاق الصالحين وجعلت الأنبياء قدوتهم طوال حياتهم، لأننا لن نجد أعظم من الأنبياء لنقتدي بهم في أسلوب حياتنا أو طريقة تربية أطفالنا، فهم أطهر البشر على وجه الأرض ومن يتخذهم قدوة يفوز بالدنيا والآخرة، إضافةً إلى ذلك فإننا يجب أن نستثمر قصص الأنبياء والقصص القرآنية في تربية أبنائنا حيث أن تعاليم الإسلام شملت كل نواحي الحياة لنتخذها كإرشادات لنا، وبهذه الطريقة نتمكن من إعداد جيل يخاف الله ويتقيه في كل أمور حياته.

وعلى الرغم من كل هذه الجهود المضنية التي يتطلبها إنتاج كتاب الطفل، فإنه لم ينل بعد ما يستحقه من تقدير؛ فتأليفه ما يزال يُنظر إليه بعين الاستسهال، التي لا تدرك صعوبة تحوّل كاتب الأطفال إلى عالم الطفولة الذي تجاوزه منذ زمن بعيد. ومؤلفه ما يزال يُصَنَّفُ في الدرجة الثانية بين المؤلفين، كما لو أنه لا يملك الأدوات الكاملة للكتابة للكبار. والطفل؛ قارئه المستهدف صامت؛ لا يبدي رأياً واضحاً فيه، حتى لو أحبه، فإنه لا يذكر اسم مؤلفه ولا ناشره، ولا يكترث لجهودهما. وما تزال الكتابة للأطفال تفتقر إلى حركة نقدية تتابعها، وترصد تطورها، وتوجهها، فلا أحد من النقاد يلتفت إلى كتاب الطفل يدرسه ويقومه.
وربما جاءت فكرة الجوائز لسد هذه الثغرة ، وامتازت من بينها جائزة إتصالات لكتاب الطفل لتوجهها إلى أطراف صناعة كتاب الطفل جميعاً وتشجيعهم، مستندة إلى معايير محددة، وخبرات مشهود لها، نتمنى أن تكون نواة لحركة نقدية واعدة.
من المعايير المهمة في كتاب الطفل هي:
1/ أن يكون الكتاب يستهدف فئة عمرية معينة، ويعني ذلك مراعاة كلّ من المؤلف والرسام والناشر خصوصيات واحتياجات الطفل في هذه الفئة.
2/ على الوالدين والمربين التركيز على موضوع الفئة العمرية المستهدفة في الكتاب فذلك له تأثير كبير على ارتباط الطفل مع الكتاب والقراءة بشكل عام.
3/ أن يكون الكتاب ذو هدف ومحور محدد ولا يتطرق إلى عدة محاور غير منسجمة مما يشتت عقل الطفل الصغير وينفّره من الكتاب والقراءة.
4/ أن تكون الرسوم المستخدمة في الكتاب إبداعية ومبتكرة وترتبط بالقصة ارتباطا وثيقا ليكمل بعضهما البعض ويجب أن تكون الرسوم تتناسب مع عقل واستيعاب الفئة العمرية المستهدفة في الكتاب.
5/ أن يكون الإخراج الفني والطباعي للكتاب ذو جودة عالية ومواده الأولية غير ضارة وذلك من مسؤولية الناشر ويجب عليه أن يراعي ذلك عند اختيار المواد لتصنيع الكتاب.
6/ أن يكون الكتاب صادر عن دار نشر معروفة بمصداقيتها ومهنيتها ومراعاتها لأمانة المهنة وهذه من مسؤولية الوالدين والمربين عند اختيار الكتب لأطفالهم.
7/ التحقق من محتوى الكتاب خصوصا الكتب المترجمة أن لاتحتوي على أفكار مخالفة للعقائد والعادات السائدة في مجتمعنا العربي والإسلامي وهذا من مسؤولية الوالدين والمربين.
